بينما تتحرك السعودية والإمارات بخطوات متسارعة لدعم طروحات المليارات، يقف السوق المصري أمام اختبار صعب: كيف يجذب شركات كبرى إلى البورصة في وقت تتراجع فيه أحجام التداول وتزداد المنافسة الإقليمية؟
إشارة وزير المالية أحمد كجوك مؤخرًا إلى دراسة منح حوافز للطروحات الكبيرة أعادت النقاش داخل السوق حول ما يحتاجه المستثمرون والشركات بالفعل.
في الكواليس، تؤكد مصادر بشركات مدرجة أن أول ما تفكر فيه أي شركة قبل الطرح هو التكلفة. فبين رسوم القيد والتداول والمصروفات المرتبطة بالإجراءات الرقابية، ترتفع الفاتورة إلى مستويات تجعل بعض الشركات تفكر مرتين قبل اتخاذ القرار. “الإعفاءات الضريبية أو تخفيض الرسوم قد تكون المفتاح الأول لتحريك المياه الراكدة”، تقول إحدى هذه المصادر.
لكن الأمر لا يتوقف عند المال فقط. الزمن أيضًا يلعب دورًا حاسمًا. إجراءات الموافقات الطويلة والتقييمات المتكررة قد تدفع بعض الشركات لتأجيل أو حتى إلغاء الطرح. وهنا يبرز مطلب ثانٍ: تسريع الإجراءات دون الإخلال بالرقابة.
أما على جانب المستثمرين، فالصورة لا تقل وضوحًا. مسؤول في شركة صناعية مدرجة يرى أن إعفاءات ضريبية مؤقتة للأفراد — مثل خصم على الأرباح الرأسمالية أو توزيعات الأرباح — كفيلة بزيادة الإقبال على الطروحات الجديدة، خاصة مع المنافسة القوية من أدوات استثمارية بديلة.
وفي المقابل، يراقب السوق التجارب الإقليمية بعين الاهتمام:
- في السعودية، تبسيط إجراءات القيد وطرح منتجات مالية متقدمة مثل المشتقات والصكوك، إلى جانب الحملات الترويجية العالمية، جعلت من سوق تداول وجهة لطروحات ضخمة أبرزها “أرامكو”. كما حصل المستثمرون الأفراد على امتيازات مثل أولوية التخصيص، ما عزز ثقتهم في السوق.
- في الإمارات، ركزت دبي وأبوظبي على تخفيض الرسوم والإعفاءات للشركات التي تطرح نسب كبيرة من أسهمها، مع دخول الصناديق السيادية كمستثمرين استراتيجيين يمنحون الطرح ثقة وسيولة، إلى جانب حملات ترويج خارجية جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية.
اليوم، تقف البورصة المصرية أمام معادلة ثلاثية الأبعاد:
- خفض التكاليف للشركات.
- تقديم مزايا للمستثمرين تحفّزهم على المشاركة.
- ترويج دولي قوي على غرار السعودية والإمارات، لضمان دخول سيولة أجنبية كبيرة.
في سباق الحوافز هذا، قد تحدد سرعة استجابة مصر ما إذا كانت ستبقى في المنافسة على الطروحات الضخمة.. أم تظل متأخرة بخطوة عن جيرانها.